وفى هذا تعريض بالمنافقين ، بأنهم آذان سوء .. لا تستمع آذانهم خيرا ، وإن سمعته مجّته ، وتغيّرت معالمه فيها .. فلا تعرف للحق وجها ، ولا تنال من الخير المحمول إليها فيه شيئا ..
قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) هو تهديد ووعيد لأولئك المنافقين ، الذين يؤذون رسول الله بتلك الكلمات المنكرة ، التي يصفون بها الرسول هذا الوصف الشنيع ، ويتطالون بها على مقامه الكريم ، فى غير حياء من دين أو خلق.
فهؤلاء قد أعدّ الله لهم عذابا أليما ، انتقاما منهم لرسول الله ، وجزاء وفاقا لهذا العدوان الآثم على مقامه الكريم ..
قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ)
هو تسفيه لموقف هؤلاء المنافقين الذي يتخذونه من المؤمنين ، حين يجيئون إليهم معتذرين ، عما شاع عنهم من قولهم المنكر فى رسول الله .. فهم يدفعون عن أنفسهم هذا الاتهام الذي يتهمهم به المؤمنون ، بالحلف كذبا أنّهم ما قالوا شيئا يمسّ رسول الله .. وهم فى هذا كاذبون منافقون .. لأنهم لو كانوا مؤمنين حقّا لكان أول ما يعنيهم من أمرهم ، هو براءة ساحتهم عند الله ، وذلك بإخلاص إيمانهم ، وسلامة قلوبهم ، وإخلاء ضمائرهم من النفاق الذي يموج فيها .. فلو أنهم فعلوا هذا لكانوا مؤمنين حقّا ، ولرضى الله عنهم ورسوله ، ولما كان بهم من حاجة إلى استرضاء المؤمنين والحلف لهم ، لأن المرء إذا لم يكن متّهما عند نفسه ، لا يجد داعية إلى دفع اتهام هو منه برىء ، كما لا يجد داعية إلى الحلف ، إن هو أراد دفع هذا الاتهام ..
وفى مخالفة النظم فى قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)