و «التثاقل» : التباطؤ ، والتحرك فى ثقل .. لأن شأن كل ثقيل أن يكون بطيء الحركة ..
وفى التعبير بلفظ «التثاقل» الذي يدلّ على التصنع والادعاء ، مثل «تباكى» أي ادعى البكاء ، وتغافل أي ادّعى الغفلة ـ فى هذا ما يشير إلى أن هذا التثاقل من المتثاقلين ، لا يستند إلى أسباب حقيقية تقوم فى نفس المؤمن بالله ، وإنما هى تعلّات تقع فى بعض النفوس التي دخل على إيمانها شىء من الضعف والوهن .. فتتلمس المعاذير ، وتصطاد الذرائع التي تثقل خطوها عن اللحاق بركب المجاهدين. وفى تعدية الفعل «اثّاقلتم» بحرف الجر «إلى» بدلا من حرف الجرّ «على» أو «فى» إذ يقال تثاقل على الأرض ، أو تثاقل فى الأرض ـ فى هذه التعدية بإلى كما جاء عليه النظم القرآنى ، ما يحقق أمرين :
أولهما : إشارة إلى أن هؤلاء المتثاقلين إنما ينحدرون انحدارا إلى الأرض ، ويهوون هويّا من عل إليها .. وذلك لأنهم وهم المؤمنون بالله ، هم بهذا الإيمان فى مستوى عال فى هذه الحياة التي يحياها الناس .. وأنهم وهذا شأنهم ، ينبغى أن تكون وجهتهم دائما إلى السماء ، وأن يكون متعلّقهم بها ، وآمالهم فيها .. وأن تلفّتهم إلى الأرض ، وانحدارهم إليها ، هو رجعة إلى الوراء ، ونكوص على الأعقاب ..
وثانى الأمرين : أن التثاقل إلى الأرض يفيد الاختلاط بها ، والامتزاج بترابها .. وأن هذا الإنسان المؤمن الذي كان يحلّق بإيمانه فوق هذا العالم الترابي ، قد أصبح بهذا التثاقل فى عداد هذه الكائنات التي تدبّ على الأرض ، من هوامّ وحشرات!
ومن هذه الصورة التي ترتسم للمؤمن من كلمة (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) ما يريه المصير الذي هو صائر إليه ، إن هو أمسك بنفسه مع هؤلاء المتثاقلين على