المتعلمين والعلماء ، وتجتمع عليه أنظار العامة والفلاسفة ، بحيث يجد فيه كل عقل ما يغنيه ويرضيه ، ويأخذ منه كل نظر ما يرشده ويسعده .. هكذا دائما آيات الله المبثوثة فى هذا الوجود ، ممّا يمسك على الناس حياتهم ، ويحفظ وجودهم ، لا تقصر عنها يد ، ولا يستأثر بها إنسان دون إنسان ، أو تختص بها جماعة دون جماعة ، أو أمة دون أمة .. إنها من الله ، ولعباد الله .. كالماء والهواء ، والشمس ، والقمر ، والنجوم .. وإن كان لأحد أو لجماعة أو أمة نصيب أوفر ، أو حظ أعظم ، فهو مما زاد الحاجة التي لا تتطلبها ضرورات الحياة ، وإن كان فيها متعة فوق متعة ، ورضى فوق رضى .. فصاحب النظر الحديد يرى من جمال الوجود وروائع آياته ما لا يراه صاحب النظر الكليل ، وصاحب الشمّ السليم ، يجد من طيب الزهر وعبيره ، ما لا يجده المزكوم ..
ومثل هذا تماما ، موقف الناس جميعا أمام القرآن الكريم ، وما تحمل سوره من آيات الله البينات .. الناس كلهم بين يديه ـ على اختلاف حظوظهم من العلم والمعرفة ـ على مائدة طيبة ، طعامها هنىء لكل عقل ، وشرابها مرىء سائغ لكل قلب .. من طعم منها لا يجد الجوع العقلي أبدا ، ومن روى منها لا يعرف الظمأ الروحي أبدا ..
وتلك هى معجزة القرآن القائمة على الناس أبد الدهر ، وتلك هى حجة الله على من أخلى عقله وقلبه من الدين ، أو دان بغير دين الحق ، دين الله ، الذي ارتضاه لعباده .. كما يقول الحق جلّ وعلا : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) وكما يقول سبحانه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
إن الأيام ستثبت صدق هذه الدعوى التي ندعيها لعالميّة الإسلام ، لأننا لا نقيم هذه الدعوى على عاطفة دينية نحو الدّين الذي ندين به ، وإنما نقيمها على