وإن الإسلام ليتقبّل هذا الحكم فى غبطة ورضى ، لأنه لن يكون إلا شهادة بيّنة الحجة ، ساطعة البرهان ، على أن هذا الدين هو دين الحق ، دين الله ، الذي أراده لخير الإنسانية وإسعادها.
إن العلم الحديث هو فرصة الإسلام ، التي تتجلّى فيها معجزته ، من جوانبها العلمية ، والسياسية ، والاجتماعية والاقتصادية ، فيرى العقل الحديث منها أنه أمام معجزة قاهرة متحدّية ، لا يملك إلا التسليم لها ، والسجود بين يديها .. تماما كما تجلّت معجزته البيانية للأمة العربية ، يوم كان سلطان البيان هو الذي يحكم هذه الأمة ، ويستولى على مواطن الإدراك والشعور منها .. فآمنت به ، وسجدت بين يديه ..
وهذا هو كتاب الإسلام ، وتلك هى حجته القائمة ، ودستوره المسطور فى القرآن الكريم :
إنه يقدّم نفسه لكل من يريد النظر فيه ، والتعرف إليه .. غير مستند إلى تأويل أو تفسير .. فلسانه أفصح من كل لسان ، وبيانه أوضح من كل بيان.
فالذين يعرفون العربية ، يعرفون طريقهم إليه فى غير عناء ، ويضعون أيديهم على حقائقه من غير معاناة ..
والذين لا يعرفون العربية ، يمكن أن تترجم لهم حقائقه ، كما تترجم الدساتير القانونية ، والحقائق العلمية .. ولا عليهم إن فاتهم إعجاز الكلمة ، ومعجزة البيان .. فإن الحقائق التي تصل إليهم من خلال الترجمة ، كافية فى الكشف عن وجوه أخرى من الإعجاز ، ممثلة فى محكم أحكامه ، وروعة حقائقه ، وخلود مقرراته ..
والإسلام ـ فى يسره ، وسماحته ، ومواءمته للفطرة الإنسانية ـ قريب من كل نفس ، واضح لكل ذى نظر ، واقع فى فهم كل ذى فهم .. تلتقى عنده عقول