أولئك الذين يمضون فى طريقهم هذا إلى النهاية ، فلا يرجعون إلى الله ، ولا ويؤمنون به وبرسوله ..
وفى العطف «بثم» التي تفيد التراخي فى قوله تعالى : (فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) وفى قوله سبحانه : (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) إشارة إلى أن الحسرة والهزيمة قد لا يكونان بعد كل مال ينفقونه ، فقد يقع للمشركين فى بعض مواقفهم من المسلمين ما يحسبونه نصرا ، ويرونه وجها نافعا مثمرا لهذا المال الذي أنفقوه ، كما كان فى موقعة «أحد» .. ولكن العبرة فى هذا بالموقعة الفاصلة ، التي تنكس فيها راية الشرك إلى الأبد ، ويخفت صوت المشركين إلى يوم الدين .. وذلك ما انتهى إليه الأمر بين المسلمين والمشركين ، فقد دخل رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يقود جيش الإسلام ـ دخل على الشرك فى حصنه فاتحا مظفرا ، فأجلى عن البيت الحرام ما احتشد فيه من أصنام وأنداد ، وألقى بها فى مسالك مكة ودروبها ، تدوسها الأقدام ، وتحيلها أشلاء ممزقة ، يمر بها الناس كما يمرون بالجثث المتعفنة ، يتساقط عليها الذباب ، وترعى فيها الهوام والحشرات ..
قوله تعالى : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
أي أن هذا الصراع الذي يقع بين الحق والباطل ، ويدور بين المحقين والمبطلين ، هو ابتلاء واختبار ، تتبين به مواقف الناس ، وتعرف به وجوههم ، حيث يجتمع المؤمنون إلى المؤمنين ، وينحاز المشركون إلى المشركين والضالين ، ويوفى كلّ حسابه وجزاءه ..
وفى قوله تعالى : (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ