فى أنفسهم ، أو فى أهليهم ، أو فى المجتمع الإنسانىّ ، خاصة أو عامة.
أما أن يشترى الإنسان بماله ما يفسد حياته ، ويغتال إنسانيته ، ويدمّر وجوده ، فذلك هو الذي لا يرى إلا فى عالم المجانين والحمقى.
وهؤلاء المشركون قد بذلوا أموالهم فى سخاء ، وقدموها فى رضى وغبطة ، ليطفئوا بها نور الله الذي أرسله إليهم ، وليخفتوا بها صوت الحق الذي بعثه الله ليؤذّن فيهم بآياته ، فاشتروا بهذا المال الرجال والعتاد ، وجعلوا من هذا جيشا جرارا ساروا به إلى النبىّ الكريم يوم بدر ، يريدون القضاء عليه ، وعلى الجماعة التي استجابت له ، وآمنت بالله وبرسوله ..
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) .. هكذا فعل المشركون ، وهكذا وجهوا المال الذي جعله الله فى أيديهم ..
(فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) .. وفى التعبير بفعل المستقبل عما فعلوه فى الماضي ، تهديد ووعيد لهم ، بأن الأموال التي سينفقونها فيما بعد على هذا الوجه الذي أنفقوه فيها فى موقعة بدر ـ ستكون عليهم حسرة ، وستجرّ عليهم الخزي والبلاء كما جرته عليهم أموالهم التي أنفقوها فى تلك الموقعة .. حيث تذهب هذه الأموال من أيديهم ، ثم تعود إليهم على هيئة رزايا ونكبات ..
(ثُمَّ يُغْلَبُونَ) هو نذير لهم بما يلقاهم من مصير مشئوم ، من هذا المال الذي أنفقوه ، وانتظروا الثمر الجنىّ الطيب منه ، بالنصر على المسلمين ، واستئصالهم ، وهذا ما لا يكون أبدا ، ولن يكون إلا الهزيمة ، وسوء المنقلب للمشركين.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) .. وليست الهزيمة وحدها هى التي تنتظر هؤلاء المشركين ، بل سيكون العذاب الأليم فى الآخرة هو مصير