فالمكر الذي مكره المشركون بالنبيّ ، هو من المكر السيّء ، ولا حاجة إلى وصفه بالسوء ، لأنه مما أبطله الله ، وقلب على أهله تدبيرهم الذي دبروه .. وكفى بهذا شناعة وسوءا له.
وقوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
أي إن هؤلاء الكافرين الذين يمكرون بالنبيّ هذا المكر ، ويدبّرون له هذا التدبير ، لا يستمعون لكلمات الله ولا يعقلونها ، ولو أنهم سمعوها وعقلوها لما كان منهم هذا الضلال الذي هم فيه ، ولرأوا أن النبىّ لا يحمل إليهم إلا الهدى ، ولا يدعوهم إلا للخير ..
فهؤلاء الكافرون ، إذا تتلى عليهم آيات الله لم يعطوها آذانا صاغية ، بل تقع الكلمات على آذانهم كأنها أصوات لا مفهوم لها ، ولهذا إذا قيل لهم استمعوا إلى كلمات الله ، قالوا : قد سمعنا ما يكفى ، ولسنا فى حاجة إلى أن نسمع جديدا ، فما هذا الذي نسمعه إلا كلام من كلامنا ، ولو أردنا أن نقول مثله لقلنا ، وما يقصّه علينا من قصص : إن هو إلا أساطير الأولين ، وخرافات السابقين ، وإن عندنا من هذا شيئا كثيرا .. فليس يعجزنا ـ والأمر كذلك ـ أن نقول مثل هذا الذي يسمعنا إيّاه محمد من هذا الكلام الذي يقول إنه من عند الله ، أو إنه من كلام الله!.
والأساطير : جمع أسطور ، وأسطورة ، وهو ما كان من واردات شتّى ، للخيالات والخرافات ، وأصلها مما سطّره الأولون ، وخلّفوه وراءهم مكتوبا فى ألواح مسطورة .. ولأن الأولين كانت لهم نظرة إلى الحياة وإلى الوجود