وفى تقوى الله قوّة يجد منها الإنسان العون على مغالبة الأهواء ، ودفع الشهوات أو كسر حدّتها ..
وفى تقوى الله نور يهتدى به الإنسان ، إلى مواطن الحق والخير ، حيث يبدو له وجه الحق واضحا وضيئا ، يدعوه إليه ، ويغريه بالإقبال عليه ، على حين يرى وجه الباطل كاسفا كئيبا ، فيعرض عنه ، ويفرّ منه.
ومن هنا كان مع تقوى الله دائما ، الهدى والنور ، والمغفرة والرحمة ، والفضل العظيم من رب العالمين .. حيث يكون الإنسان فى صحبة التقوى ، على نور من ربّه ، يميز به الحق من الباطل ، فلا تتفرق به السبل ، ولا يضل الطريق إلى الله أبدا ..
قوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ).
الواو ، هنا للاستئناف .. والخبر الذي بعدها مستأنف ..
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ، هى أن تقوى الله تعين الإنسان على اجتياز الصعاب ، ومغالبة النزعات ، واحتمال الأرزاء .. وقد كان هذا هو موضوع الآية السابقة.
وفى هذه الآية ، المثل الكامل فى التزام طريق الحق ، حيث يتصدّى النبيّ ـ وهو سيد المتقين ـ لما يسوق إليه المشركون من ألوان البلاء ، وما يرمونه به من صنوف الإعنات والكيد ، فيلقى ذلك صامدا صابرا ، لا يثنيه الإغراء ، ولا ينهنه الوعيد ، حتى ليلقى قومه بتلك الكلمة الحاسمة الفاصلة ، حين عرضوا عليه ما عرضوا من مال وسلطان : «والله لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، أو أهلك دونه»!! فقد صمد