خان الأمانة ، وخان الله ورسوله ، وخان نفسه ، التي هى أمانة عنده ، والتي يكون قد ضيّعها ، حين عرضها فى معرض التهلكة ، إذ عصى الله ورسوله ..
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) هو تنبيه للمؤمنين إلى مكمن الخطر ، الذي تهبّ منه عليهم ريح السّموم ، التي تعصف بإيمانهم ، وتنحرف بهم عن الصراط المستقيم ..
وفى الأموال والأولاد يكمن هذا الداء ، الذي يجور على إيمان المؤمن ، ويحمله على مركب الفتنة والضلال ، إن لم يأخذ حذره ، ويحرس نفسه من هذا العدو المتربص به.
فللمال سلطان على النفوس ، وشهوة غالبة على القلوب .. حيث لا حدّ للمال الذي يبلغ عنده الإنسان مبلغ الرضا والشبع ، بل إنه كلّما ازداد الإنسان جمعا للمال كلما ازداد نهمه وجوعه ، بل ازداد سعاره وكلبه ، بحيث يصبح جمع المال همّه وغايته ، فلا يبغى المال لتحقيق رغبة ، أو إشباع شهوة .. وإنما رغبته هو المال نفسه ، وشهوته هو المال ، لا شىء سواه .. ومن كان هذا شأنه فلن يملأ عينه مال الدنيا كلها ، لو اجتمع ليده ..
كالحوت لا يكفيه شىء يلقمه |
|
يصبح ظمآن وفى الماء فى فمه |
وهذا هو موطن الفتنة ، ومهبّ الشر من جانب المال .. فإذا لم يأخذ الإنسان .. حذره ، ويصحب المال على خوف ومحاذرة ، جرفته شهوة المال إلى لحجج الفتنة والضلال ، فلا يعرف شاطىء الأمن والسلامة بعد هذا أبدا ..