التفسير : نبّه الله المؤمنين فى الآية السابقة ، ولفتهم إلى ما كانوا فيه من قلّة وذلّة ، وما أصبحوا فيه من كثرة ومنعة وعزّة .. وذلك ليذكروا فضل الله عليهم ، وليجعلوا ولاءهم خالصا له ..
وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) دعوة للمؤمنين إلى القيام بأمر الله ، والتزام طاعته وطاعة رسوله ، والوقوف عند الحدود التي بينها الله تعالى ، فيما أنزل على رسوله من آياته وكلماته ..
فالخروج على أمر الله ، والخلاف لرسوله ، هو خيانة لله ولرسوله ، بعد أن علموا ، وتثبتوا مما أمرهم الله به ، أو نهاهم عنه .. ثم هو خيانة للمرء نفسه ، إذ نقض العهد ، وخان الأمانة التي ائتمنه الله عليها ..
وهذا مقابل لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ).
ففى هذه الآية دعوة إلى طاعة الله ورسوله ، والاستجابة لما يدعوهم الرسول إليه ، ويندبهم له ، متى بلغت أسماعهم دعوته .. فالموقف هنا هو فيما بين المؤمنين والنبىّ ، حال حياته منهم ..
أما ما فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فهو امتثال لأوامر الله ، وما بيّنه الرسول الكريم للمؤمنين فى أقواله وأفعاله من أمورهم ، وذلك فيما بينهم وبين أنفسهم ، حيث لا يكون الرسول معهم ، أو يكون الرسول قد أخلى مكانه من هذه الدنيا .. وحينئذ تكون أوامر الشريعة ، وأحكامها أمانة أؤتمن الإنسان عليها ، فإذا ضيع تلك الأمانة بخروجه على أحكام الشريعة ، والعدوان على حدودها ، فقد