معافى فى دينه ، سعيدا فى دنياه ، طامعا فى رضى الله ورضوانه ، يوم يقوم الناس لربّ العالمين ..
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ).
هو بيان للصورة المثلى لعبادة الله ، والتي ينبغى أن ينشدها المؤمن ، ويعمل لها ، ويستعين الله على بلوغها ..
والصورة هنا هى لملائكة الرحمن الذين هم أقرب خلق الله إلى الله .. فهم مع هذا القرب ، وفى تلك المنزلة التي هم فيها ، لا يفترون عن عبادة الله ، بل هم على عبادة دائمة ، وذكر متصل ، بين تسبيح ، وسجود.
وفى قوله تعالى : (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) إشارة إلى أن هذه المنزلة التي لهم عند الله ، لم تدخل عليهم بشىء من الكبر والإدلال على الله ، حيث لا متطلع لهم إلى منزلة غير تلك المنزلة ، بل إن ذلك كان داعية لهم إلى دوام العبادة ، ومواصلة التسبيح ، حمدا لله على ما هم فيه ، وشكرا له على ما أنعم به عليهم ، واستدامة لتلك النعمة.
وإذا كان هذا هو شأن هؤلاء العباد المكرمين ، فأولى بمن هم دونهم درجة ، أو درجات ؛ أن يجتهدوا فى العبادة ، وأن يسعوا السعى الحثيث إلى الله ، بالذكر والتسبيح ، حيث لا يزال أمامهم مدى فسيح يسعون فيه إلى الله ، لينالوا عنده درجات فوق درجات ..
هذا ، ويصح أن يكون المراد بالذين عند ربك ، هم الذين اصطفاهم واختارهم من بين الناس ، وهم المؤمنون الذين عرفوا الله حق معرفته ، فأخلصوا له دينهم ،