وأسلموا له وجودهم ، فعبدوه فى ولاء وخشوع ، لا يسبحون غيره ولا يسجدون سواه ..
ومعنى أنهم عند الله ، أي من أهل ودّه ، ورضاه .. كما يقول سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ..).
وهذا المعنى الذي ذهبنا إليه ـ مخالفين فى ذلك ما أجمع عليه المفسرون ـ هو المناسب لسياق النظم القرآنى ، حيث كانت الآية السابقة على هذه الآية دعوة إلى ذكر الله ، على تلك الصورة التي تؤهل الذاكر لأن يكون من أهل الله ، ومن عباده المكرمين .. وهى قوله تعالى :
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) .. فهذا الذكر هو الذي يقرب الإنسان من ربه ، ويرفعه إلى هذا المقام الكريم ، وإنه لن يرتفع إلى هذا المقام إلا من ذكر الله هذا الذكر ، فلا يستكبر عن عبادة الله ، ولا يولّى وجهه إلى غيره فى تسبيح أو سجود ..
ثم إن هذا المعنى يناسب مطلع السورة التي جاءت تالية لسورة الأعراف وقد جاء فى هذا المطلع قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). (٢ ـ ٤ : الأنفال)