(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها).
كأنك حفى عنها : أي كثير الطلب لها ، والسؤال عن وقتها.
وهذا يعنى أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يكن من شأنه أن يتطلع إلى معرفة وقتها المعلوم ، وإن كان من دأبه أبدا ذكرها ، والإعداد لها .. وفى هذا إنكار على هؤلاء الذين يسألون عن الساعة ، ومتى يجىء يومها .. وكان الأولى لهم أن يعملوا لهذا اليوم ، ويستعدوا للقاء الله فيه ..
(قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وهذا توكيد لما تقرر من قبل بأن علم الساعة مما استأثر الله به وحده ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة ، ولا يرضون بالتسليم بها ، بل يسألون ويلحفون فى السؤال عنها ، ولو أنهم عقلوا ما سألوا.
وفى التعبير هنا بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) على حين كان النظم القرآنى فى هذه الآية نفسها : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) .. مراعاة لاختلاف المقامين .. حيث كان التعبير بلفظ : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) ردّا مباشرا على سؤال السائلين للنبيّ عن ميقات الساعة ، وحيث كانوا يحسبون أن ذلك مما يعلمه النبىّ ، فجاء الرد عليهم بإضافة العلم إلى ربّ محمد ، لا إلى محمد.
أما الرد عليهم بقوله تعالى : (عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) فذلك بعد أن جاءهم العلم بأن علم الساعة ليس مما يطلع عليه «محمد» بل هو مما استأثر به ربّ محمد ، وإذن فليعلموا بعد هذا أن الله ربّ العالمين ، هو ربّ محمد ، وربّ كل مخلوق ..
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ).