(قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) .. إن أمرها عند الله ، لا يكشفها ، ولا يظهرها لوقتها الذي تظهر فيه ، إلا ربّ العالمين .. فهى عند الله ، سبحانه ، فى مستودعات الغيب الذي لا يملك مفاتحه إلا هو وحده.
(ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي عظم وقعها على السموات والأرض. أي أنها يوم تجىء تثقل على السموات والأرض ، فكيف تحتملون أنتم مجيئها يوم تجىء؟ فلم تستعجلونها يومها؟ ولم تلحّون فى البحث عن ميقاتها؟
وثقل الساعة على السموات والأرض يشير إليه قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) وقوله سبحانه : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ* وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ* وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ* وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ).
ففى هذا اليوم تتغيّر معالم الوجود السماوي والأرضى ، لما يقع فيه من أهوال ، فكيف يستعجلون هذا الهول ، وينادون به أن يطلع عليهم؟ .. ألا ما أشد جهلهم وغباءهم .. أما المؤمنون ، فإنهم ـ مع إيمانهم بالله واستعدادهم للقائه ـ مشفقون من لقاء هذا اليوم العظيم ، كما يقول سبحانه وتعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها. وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ) (١٨ : الشورى).
(لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً).
البغتة : الفجاءة ، أي على غفلة .. أي أن الساعة لا تجىء على حسب موعد معلوم للناس ، وإنما تقع فجأة وعلى حين غفلة .. إنها هؤل عظيم ، يطلع على غير انتظار من هؤلاء المشركين ، الذين يسألون عنها سؤال تهكم واستخفاف .. وفى هذا ما يضاعف بلاءها عليهم.