غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) (١٠٢)
____________________________________
التفسير : مناسبة هذه الآية لما قبلها ، هو أن التعرف على الحلال والحرام ، والتهدّى إلى تمييز الطيب من الخبيث ، يكون عن نظر وتقدير ، كما يكون عن مدارسة ، ومساءلة لأهل العلم والذكر ، كما يقول الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٧ : الأنبياء).
وقد أشارت الآية السابقة إلى التفرقة بين الخبيث والطيب ، وأن الخبيث خسيس لا قيمة له ، ولو لبس ثوبا من البريق الزائف الذي يخدع الحمقى والسفهاء ..
وكان من هذا أن أكثر المسلمون من التنقيب والبحث ، وتقليب الأمور على وجوهها ، ليتعرفوا على ما ينكشف منها من طيب أو خبيث ، ومن خير أو شر ، ومن حق أو باطل .. وقد أغراهم بهذا أن الرسول الكريم قائم فيهم ، مقام الشمس فى وضاءتها وامتداد سلطانها على الآفاق ، فكانوا يلقونه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بكل عارض يعرض لهم ، وبكل شبهة تقع لأبصارهم ، فيلقاهم الرسول الكريم بما يجلو الشّبه ، ويكشف معالم الطريق إلى الحق والخير ..
وقد تجاوز بعض المسلمين هذه الحدود فيما يعنيهم من أمر دينهم أو دنياهم ، فجعلوا يسألون عن أمور لم تقع ، قد افترضوا وقوعها ، واستعجلوا الحكم الشرعي فيها .. وهذا من شأنه أن يجعل الرسول بين أمرين ؛ إما أن يجيبهم إلى ما سألوا ، وإما أن يدعهم يسألون ولا يجيب.
والأمر الثاني : إن أخذ به الرسول ، ووقف عنده ، أقام السائلين على قلق ،