فلا يصحّ لهؤلاء المشركين أن يضيفوا إلى مشيئة الله ما يقع لهم من شر وشرك ..
وقد ردّ الله عليهم حجتهم الفاسدة بقوله تعالى : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) أي إن حجتكم التي تحتجون بها لشرككم بالله ، وإضافة هذا الشرك إلى مشيئته هى حجة باطلة ، لا تقيم لكم عند الله عذرا ، ولا تدفع عنكم مغبة هذا الإثم الذي غرقتم فيه ، ولا تزال حجّة الله قائمة عليكم ، آخذة بنواصيكم إلى المصير المشئوم الذي أعدّ لكم .. (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) التي لا تنقض أبدا .. وقد أقام الله عليكم الحجة ، بأن جعل لكم سمعا وأبصارا وأفئدة ، ثم أرسل إليكم رسله مبشرين ومنذرين .. فلم يغن عنكم سمعكم ولا أبصاركم ولا أفئدتكم ، ولم تستقبلوا بتلك الجوارح هذا النور المرسل لكم هدى ورحمة .. فحقّ عليكم العذاب ، بما كنتم تكسبون ..
وقوله تعالى : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) إشارة إلى أن مشيئة الله عامة شاملة ، فلا يقع فى الوجود شىء إلا بمشيئته ، حتى شرك هؤلاء المشركين ، هو واقع بمشيئة الله ، كما يقول هؤلاء المشركون ، الذين يقولون هذا القول هزؤا وسخرية ، ومكرا وتخابثا.
ونعم : لو شاء الله ما أشركوا هم ولا آباؤهم .. ولكن قد طردهم الله من مواقع فضله وإحسانه ، وعزلهم عن مجتمع أحبابه وأوليائه ، لأنهم ليسوا أهلا لإحسانه ، ولا موضعا لكرامته .. والله سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٢ ـ ٢٣ : الأنفال).
قوله تعالى : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا).
هلمّ : اسم فعل أمر ، بمعنى هات ، أو أحضر.