وإنه لا علم عندهم من هذا أو ذاك.
وإذ خرسوا فلم يردوا على هذا السؤال ، فقد تولّى الله سبحانه وتعالى ، الجواب المفحم لهم ، الفاضح لسفههم وضلالهم : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) وهو جواب يواجههم بالتهمة التي تدينهم ، وتلقى بهم فى مهاوى الهالكين.
«والخرص» الأخذ بالشيء من غير علم محقق ، يقال خرص النخلة. أي قدّر ما عليها من ثمر قبل أن ينضج ، وهذا لا يكون إلا عن حدس وتوهّم ، أشبه بالرجم بالغيب.
قوله تعالى : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) هو ردّ زاجر على المشركين ، وإدحاض لافترائهم على الله ، والتعلل لشركهم بقولهم : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) .. وكأنهم بهذا القول إنما يقيمون لهم حجّة على الله ، فلا يؤاخذهم على ما يقع منهم من شرك أو غيره من الآثام ، بحجة أن الله هو الذي أراد لهم الشرك ، كما أراد لهم كل فعل منكر ، إذ بيده كل شىء ، وإليه يردّ كلّ شىء .. أليس هذا هو قول المؤمنين بالله عن الله.؟ فكيف يراد من المشركين أن يخرجوا من شركهم؟ ألهم إرادة مع الله ، أو مشيئة مع مشيئته .. هكذا يقولون!؟
وهذا من المشركين ضلال فى ضلال ، إذ لو كانوا مؤمنين بالله ـ كما قلنا ـ على تلك الصّفة لكان لهم أن يقولوا فى مشيئته هذا القول .. ولكنهم إذ يجعلون لله شركاء يعبدونهم من دونه ، لا يجعلون لمشيئته من يشاركه فيها ، بل يجعلونها مطلقة ، فلا مشيئة لأحد مع مشيئته .. وهذا تناقض مفضوح .. فإمّا إله متفرد بألوهيته ، ومشيئته ، وإذن فلا يشاركه أحد فى ألوهيته ومشيئته ، وإما إله مع آلهة ، يشاركونه المشيئة ، كما يشاركونه الألوهية ، وإذن