وقوله سبحانه : (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) أي كما أخرجنا من الخضر حبا متراكبا ، كذلك كان شأن النخل ، الذي نخلق من طلعه قنوانا دانية ..
والطلع ، لقاح النخل ، والقنوان : جمع قنو ، وهو العذق ، أي سباطة البلح أو الكباسة.
وفى هذا الذي بين طلع النخل ، وما يتخلق منه من قنوان دانية الثمر ، ما يلفتنا إلى الخضر الذي فى النبات وما ينشأ عنه من حبّ متراكب .. وكأن هذه الخضرة هى اللقاح الذي لولاه ما أثمر نبات.
وفى وصف القنوان بأنها قنوان دانية ، مع أنها قد تكون والنخلة سابحة فى السماء ـ فى هذا الوصف ما يشير إلى اشتهاء النفس لهذا الثمر الذي يحمله النخل ، وتطلعها إليه ، ورغبتها فيه ـ الأمر الذي يجعل بعيده قريبا ، وكلّ صعب فى الوصول إليه هينا .. هكذا المحبوب المشتهى أبدا.
وقوله سبحانه : (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) معطوف على قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) أي وأخرجنا به ـ أي بالماء ـ جنات من أعناب وقوله تعالى : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) معطوف على جنات من أعناب.
وقوله سبحانه : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) أي أن الزيتون والرمان ، منه ما يشبه بعضه بعضا ، ومنه ما يختلف بعضه عن بعض .. فى اللون ، أو الحجم ، أو الطعم.
ويمكن أن يفهم قوله تعالى : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) على وجه آخر .. وهو أن هذه الأشجار من الزيتون والرمان ، وإن بدت أفراد كل جنس منها متشابهة فى هيئتها وثمارها ، إلا أنها فى حقيقة أمرها غير متشابهة ، فبين كل شجرة وأخرى فروق دقيقة ، فى هيئنها ، وفى ثمارها .. وهذا من بديع