إلى صاحبه ، وإلى من يتصل بصاحبه ، من أهل وولد .. كالشجرة الطيبة تؤتى أكلها كل حين بإذن ربّها ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسان العبد الصالح لموسى ، عليهماالسلام : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) (٨٢ : الكهف).
وفى الجمع بين نوح وإبراهيم إشارة إلى أنهما الأبوان لهؤلاء الأنبياء ، كما يقول سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) (٢٦ : الحديد).
وقوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) .. معطوف على قوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) أي أن هؤلاء المصطفين من عباد الله ، هم من ذريّة هذين النبيين الكريمين : نوح وإبراهيم ، إذ كان من هؤلاء الأنبياء من ليس من ذرية إبراهيم كلوط مثلا.
وقوله تعالى : (وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) أي كلّ واحد من هؤلاء فضّل على عالمه الذي كان يعيش فيه ، إذ كان رسول الله المبعوث لهداية عالمه هذا ، وهو بهذه الصفة صفوة هذا العالم ، والإنسان المتخيّر لرسالة السماء.
وقوله تعالى : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ) إشارة إلى أن هؤلاء الذين اختصهم الله بهذا الذكر ، ليسواهم وحدهم الذين شملهم فضل الله ، ومسّتهم رحمته ، بل إن من آباء هؤلاء وأبنائهم وإخوانهم من شمله هذا الفضل ، ومسّته تلك الرحمة .. سواء من كان منهم نبيّا أو رسولا ، أو عبدا من عباد الله الصالحين .. وحسب ذريّة هؤلاء الذين لم يذكروا هنا ـ حسبهم شرفا وذكرا أن يكون منهم خاتم النبيين ، محمد صلوات الله وسلامه عليه .. فهو من ذرية إسماعيل ، ومن حفدة إبراهيم.