وقوله سبحانه وتعالى : (وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو معطوف على محذوف ، يفهم من سياق النظم فى قوله تعالى : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ) والتقدير : ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم من ألحقناهم بهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم.
وأمر هنا نحب أن نقف عنده ونلتفت إليه :
وهو أن الترتيب الزمنى لم يكن هو الأساس الذي قام عليه النظم القرآنى فى ذكر هؤلاء الأنبياء ، من ذرية نوح وإبراهيم.
والملحظ الذي نود أن نشير إليه ، هو أن إسماعيل لم يذكر مع إسحق ، مع أنهما ولدا إبراهيم ، لم يكن له ولد غيرهما ، ومنهما كانت جميع ذريته ، وإسماعيل هو البكر ، وولد له بعده إسحق.
هذه حقيقة لا خلاف عليها عند أهل الكتاب ، من يهود ونصارى ، كما أنها حقيقة مقررة فى القرآن الكريم .. فلم لم يجىء النظم القرآنى هكذا : «ووهبنا له إسماعيل وإسحاق ويعقوب ..»؟
ولا جواب لهذا إلّا أنه كلام رب العالمين ، وأنه لو كان من عمل بشر لما جاء هكذا فى النظم القرآنى ، بل لالتزم فيه واضعه الترتيب الزمنيّ .. أما «محمد» فلو أن هذا الكلام كان من وضعه ، لكان أول ما يعمله هو أن يبدأ بإسماعيل ، لأنه أبوه .. أولا ، ولأنه أسبق ميلادا من إسحق .. ثانيا!
أليس فى هذا عبرة لمعتبر؟ أليس فى هذا إخراس لكل مقولة تقال فى القرآن الكريم ، إنه من قول بشر؟ وبلى ، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ..!