أو شر .. والأصل فى الباسل ، أنه الكريه ، المخيف ، الذي يتجنبه الناس ، ومنه سمىّ الفارس الشجاع : باسلا ، لأن المحاربين يتجنبونه ، ويصدّون عن لقائه ، وفى هذا يقول عنترة:
فإذا ظلمت فإن ظلمى باسل |
|
مرّ مذاقته كطعم العلقم |
وقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) أي أن النفس ـ كل نفس ـ لا ينفعها إيمان ، ولا عمل يوم القيامة ، فهى فى دار حساب وجزاء ، وليست فى دار إيمان وعمل .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (١٥٨ : الأنعام) والمراد ببعض آيات ربك ، هو ما يكون بين يدى الساعة من علامات وإرهاصات.
وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) هو إمساك بمخانق هؤلاء الذين أشركوا بالله ، وعرض لهم فى هذا الموقف العظيم على رؤوس الأشهاد ، والإشارة إليهم وهم فى قفص الاتهام : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) من سيئات ، لا شىء معهم غيرها .. والباء هنا للإلصاق ، مثل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (٢١ : الطور)
هؤلاء الذين أشركوا بالله ، وأفردوا ، بما كسبت أيديهم من آثام ، ووضعوا موضع المساءلة والحساب ـ ما تكاد العيون تأخذهم ، وترى ما على وجوههم من غبرة ترهقها قترة ، حتى يؤذّن مؤذّن الحق ، بالحكم الذي حكم عليهم به أحكم الحاكمين : «لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون» لا شىء لهم غير هذا ، فليذقوه حميما وغسّاقا .. فتلك هى عاقبة الكافرين.
والحميم : هو الماء الحار الذي اشتدّ غليانه ، ومنه الحمم ، وهى القطع الملتهبة من النار.