وقوله سبحانه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي أن إلى الله سبحانه مرجع هذا الذي تستعجلون به من عذاب ، إن شاء عجّل لكم العذاب ، وإن شاء أخره ، وإن شاء رحمكم وأخذ بكم إلى طريق الهدى .. أما أنا فلا أملك من هذا كله شيئا .. «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ..» «يَقُصُّ الْحَقَّ» أي يقضى به ، (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) فما قضى به فهو الخير كله ، وهو العدل كله.
وقوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) إشارة إلى أن النبي صلىاللهعليهوسلم لو كان فى يده هذا المقترح الذي يقترحونه عليه ، ليكون آية صدقه عندهم ، لجاءهم به ، ولأرسل عليهم العذاب الذي طلبوه ، ولقضى الأمر بينه وبينهم ، ولم يعد ثمّة جدال ، أو خلاف .. ولكن الأمر بيد الله ، وهو حكيم حليم ، لا يعجّل لكم ما تطلبون ، مما فيه هلاككم ، وقد اقتضت حكمته أن يمهلكم ، فلعل فى امتداد الزمن بكم ما يفسح المجال أمام الكثير منكم ، ليهتدى ، ويؤمن بالله ، ويفوز برضوانه ..
فكل يوم يمر بكم دون أن يأتيكم هذا العذاب الذي تطلبونه ، هو رحمة من الله بكم ، ودعوة مجدّدة منه سبحانه إليكم ، أن ترجعوا إليه ، وتؤمنوا به ، وتكونوا فى عباده المخلصين .. وهذه فرصتكم .. إن أفلتت منكم فلن تعود أبدا.
وقوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) تهديد ووعيد لهؤلاء الذين أمهلهم الله ، ولم يعجل لهم العذاب ، ليصححوا عقيدتهم ، ويرجعوا إلى ربهم .. ولكن الظالمين ظلوا على عتوّهم ، وكفرهم ، وعنادهم .. والله عليم بهم ، وسيأخذهم بذنوبهم : (يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) ..