الهداية ، ودعاهم إلى طريقه .. ولكن هؤلاء الضالين المعاندين لن يدعوهم الله إليه ، ولن يهديهم إلى الحق ، كما يقول سبحانه : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) .. فهم وقد كان الإيمان بالله من الممكنات لهم ، قد جعلوه بعنادهم وضلالهم مستحيلا يحتاج إلى قدرة فوق قدرتهم ، هى قدرة الله تعالى ، وإذ تخلّى الله عنهم وأخلاهم لقدرتهم ، فلن يهتدوا إذن أبدا .. وإن الله ـ سبحانه ـ يبعث الموتى ، ولكنه لا يهدى هؤلاء الضالين العاندين.
وفى هذا تيئيس لهم ، وخذلان مبين ، وخزى فاضح ، ووعيد بالحساب الشديد ، والعذاب الأليم.
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) الضمير فى «يرجعون» ، يعود إلى هؤلاء المعاندين ، الذين لن يهتدوا أبدا ، إلى أن يموتوا ، ثم يبعثوا مع الموتى .. ثم يرجعون إلى الله ، للحساب والجزاء .. وهذا هو سرّ العطف «بثم» الذي يفيد التراخي الزمنيّ .. فهم إذ خوطبوا كانوا أحياء .. ثم يبعثون ، ثم يحشرون» قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) هو بيان لموقف هؤلاء الضالين المعاندين ، الذين أبوا أن يستجيبوا لله ولرسوله ، وأصبح قبولهم الإيمان أمرا مستحيلا فى مواجهة ما جاءهم به النبىّ ، ولن يكون لهم نظر وكسب فيما كان يدعوهم إليه من إيمان ، بعد أن تأتيهم الآيات التي يقترحونها ..
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) والآية التي يقترحونها هى معجزة مادية ، يرونها بأعينهم. كما يقول الله تعالى : «وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ