وقوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) تذكير للنبىّ بما قصّ الله ـ سبحانه ـ عليه من قصص الأولين ، فليعد النبىّ إلى هذا القصص ، ولينظر إلى ما فيه من عبر وعظات .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) (١٢٠ : هود). ويقول : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (١١١ : يوسف).
____________________________________
الآية : (٣٥)
(وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٥)
____________________________________
التفسير : وإذ استمع النبي إلى كلمات ربه ، وما تحمل إليه من مواساة كريمة ، وعزاء جميل ، فقد وجب على النبي أن يطمئن قلبه ، وتسكن نفسه ويذهب حزنه وحسرته ، على ما يلقى من قومه .. فإذا كان قد بقي فى نفس النبي شىء من تلك العوارض التي عرضت له من قومه ، وإن كانت لا تزال به توازع الحزن والحسرة عليهم ، فإن السماء ليس عندها ما تقدمه لهم من وسائل الإقناع ، بعد أن قدمت لهم ما قدمت من آيات ، وما ساقت إليهم من نذر! فإن وجد النبي القدرة من نفسه على أن يأتيهم بما يقنعهم ، ويحملهم على التصديق به ، وبما يدعوهم إليه ، فليفعل!! وهذه هى الأرض تحت قدميه ، والسماء فوق رأسه ، فإن استطاع أن يشق الأرض أو يرقى السماء بسلّم ليأتيهم بآية مقنعة ، فليفعل وهيهات هيهات!!