إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ» (٣٥ : هود).
وقد أخذهم الله بهذا المنكر .. فأغرقهم ونجّى نوحا ومن معه : (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) (١١٩ ـ ١٢٠ : الشعراء).
وهذا هود ـ عليهالسلام ـ يلقى قومه داعيا إلى الله ، مبشرا ومنذرا بآياته ، فتكون قولتهم له : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) (٥٣ ـ ٥٤ : هود) .. ثم كانت عاقبتهم عاقبة كل ظالم .. فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٦ ـ ٨ : الحاقة).
وهكذا كان الشأن مع صالح ، ولوط ، ومع كلّ نبى أعنته قومه ، وكذبوا بآيات الله التي بين يديه .. النجاة والسلامة للنبىّ والمؤمنين به ، والهلاك والدّمار لمن كذبوا به ، وبآيات ربه ..
وفى هذا أسوة للنبىّ ، وللمؤمنين معه .. فليحتمل الأذى ، وليصبر على الضرّ ، وليحتمل المؤمنون الأذى وليصبروا على الضرّ ، فإنّ العاقبة له ولهم ، وإن النصر للحق ولمن ينصرون الحق .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) فتلك هى سنّة فى الذين خلوا ، ولن تتخلّف آثارها فى حاضر أو مستقبل .. فإن أحكام الله لا تنقض وكلماته لن تتبدّل ..