وهو عند المؤمنين اسم الله جلّ وعلا .. فما أكرم هذا الاسم الكريم ، وما أيمنه.
وثانيا : الأيمان التي يراد بها الحلف ، وينعقد بها أمر من الأمور ، بين الإنسان ونفسه ، أو بينه وبين غيره ـ هذه الأيمان كما قلنا ـ هى أيمان وثّقت عهدا ، وجعلت الله ـ سبحانه ـ شاهدا على هذا العهد وكفيلا له .. فإذا حنث الحالف بيمين الله هنا ، فإنه يكون قد اقترف ذنبا عظيما فى حق الله سبحانه وتعالى ، وفى حقّ الناس ، بما استباح من حقوقهم ، بنقض العهد معهم.
أما حقّ الله المتعلق بالحانث فى يمينه ، فقد جعل فيه للحانث ما يكفّر به ذنبه ، ويغسل به حوبته ، وهو أن يطعم عشرة مساكين ، من أوسط ما يطعم هو وأهله ، أي مما يغلب أن يكون طعامهم ، فى حياتهم ، فى غير أيام السّعة أو الضيق .. فإن لم يكن طعام ، فكسوة عشرة مساكين ، مقدرة هذه الكسوة بحال الحانث فى يمينه .. فإن لم يكن طعام أو كسوة ، فتحرير رقبة ، أي عتق رقبة من الرّق .. فإن كان الحانث معسرا ، لا يستطيع أن يطعم أو يكسو أو يعتق ، فصيام ثلاثة أيام.
وقد اختلف فى تتابع هذه الأيام ، وفى إفرادها ، فرأى بعضهم الأخذ بما أطلقه القرآن ، حيث لم يقيد الصوم بالتتابع ، ولا حجة عنده فى قراءة من قرأ «ثلاثة أيام متتابعات» .. لأن الإطلاق هنا والتقييد فى قوله تعالى : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) يقوّى الأخذ بمنطوق الآية ، وعدم التعويل على هذه القراءة التي لم تتأكد بالتواتر .. على حين يرى البعض الأخذ بالقراءة «ثلاثة أيام متتابعات» حيث وجدت مثبتة فى مصحف السيدة عائشة رضى الله عنها ، فيوجب التتابع فى الصوم.
ويقوّى هذا الرأى عندنا : أن صيام ثلاثة الأيام هذه فى تتابعها ، هى التي تعدل إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، مع أن إطعام مسكين واحد ،