فما أكثر ما يجرى ذكر الله على ألسنة المؤمنين ، وما أكثر ما يستحضرونه فى كل أمر يعرض لهم ، ثم ما أكثر ما يزكّون هذه الأمور بالقسم عليها باسم الله ، دون أن يكون ذلك بقصد الحلف لإجازتها ، وعقد اليمين بها ..
فهناك فرق بين القسم ، والحلف .. إذ القسم لتعظيم الشيء وتزكيته ، ورفع قدره ، وقد أقسم الله سبحانه ببعض مخلوقاته .. من شمس ، وقمر ، ونجم ، وليل ، وضحى.
أما الحلف فهو إقرار يشهد به الإنسان على نفسه ، أو غيره. وقد جعل الله كفيلا عليه ، بالحلف به .. ومن هنا كان لزاما عليه ـ ديانة ـ أن يحترم هذه الكفالة ، ويقوم على الوفاء بما التزم به ، وإلا أثم ، بجرأته على الله ، والاستخفاف بكفالته له ، والله تعالى يقول : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٩١ : النحل).
وكان من رحمة الله بعباده ، ورفقه بهم ، وإسباغ نعمه عليهم ، فى تعاملهم مع اسمه الكريم ـ ما حملته هذه الآية الكريمة من لطف ، ورحمة ، وحكمة :
فأولا : قد عفا الله سبحانه عن الأيمان التي لا يقصد بها الحلف ، والتي تجرى على الألسنة خارجة عن هذا القصد .. (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) وتسمية هذه الأيمان لغوا ، لأنّها لا تحلّ حراما ، ولا تحرّم حلالا ، ولا تجلب خيرا ، ولا تدفع ضرّا ..
والأيمان جمع يمين ، وقد سمّى اليمين يمينا ، لأنه مشتق من اليمن والبركة ، إذ كان الذي يقسم به ـ عادة ـ اسم كريم عزيز ، عند من أقسم به ،