لليهود ، بهذا الفضل الذي فضل الله به على المسيح ، بعد كبتهم وخزيهم ، بإبطال كيدهم فيه ، وإفساد مكرهم به ..
لقد أرادوا موته وصلبه .. فلم تنله أيديهم ، ونجاه الله منهم ، بعد أن أخذهم بهذا الذنب العظيم ، الذي عقدوا نيّتهم عليه ، وشرعوا فى تنفيذه ، بل ونفذوه .. ولكن لا فى المسيح كما قدروا ، بل فى شخص آخر شبّه لهم أنه المسيح ..
ولقد أرادوا يصلب المسيح أن يوقعوه تحت اللعنة ، التي قضت بها شريعة موسى ، والتي جاء فيها : «ملعون من علّق على خشبة» .. فما كان يقع تحت هذا الحكم من اليهود إلا من جدّف على الله ، وكفر به .. فمن فعل هذا حكم عليه بالصلب ، ثم الطرد من ملكوت الله!
لقد أراد اليهود هذا بالمسيح ، فرفعه الله إليه ، وأعلى منزلته عنده ، وأحلّه فى مقام كريم ، مع المصطفين من عباده.
وقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) هو تعقيب على تلك الأحكام التي أجراها سبحانه وتعالى ، والتي جاءت على غير ما أراد أهل الشر والسوء .. فبعزّته سبحانه أفسد كيد هؤلاء المضلّين المفسدين ، وبحكمته وضع الأمور فى مواضعها ، فجاءت على أتم صورة وأكملها ..
* * *
هذا ، ولما كانت قضية صلب المسيح .. من القضايا التي أثارت ولا تزال تثير كثيرا من الجدل والخلاف بين المسلمين والنصارى واليهود .. فقد رأينا أن نقف وقفة ، ننظر بها نظرا أرحب وأوسع ، فى هذه القضية ، وفى رأى القرآن فيها ، وفى مقولات المسيحيين واليهود عنها ..
* * *