القرآن والمسيح المصلوب
المسيح بين الألوهية والبشرية :
لم يلتفت القرآن الكريم إلى المسيح وإلى المعتقدات التي يعتقدها أولياؤه وأعداؤه إلّا من جانب واحد ، هو شخصيته ، وتحديد هذه الشخصية على الوجه الذي يراه له ، وهو أنه إنسان بشر ، وليس إلها ولا ابن إله ، على الرغم من الأسلوب الفريد الذي ولد به!
ففى الوقت الذي نزل فيه القرآن كان قد مضى على ظهور المسيح نحو ستة قرون ، دارت فيها الأحداث التي صحبت حياته ، منذ دخوله فى هذا العالم ، إلى خروجه منه ـ دارت تلك الأحداث فيها دورات كثيرة ، والتقت بأنماط مختلفة لا حصر لها من العقول ، وكاد الأمر يستقر فى معتقد الناس ، فى المسيح وفى الأحداث التي اتصلت به!
فأتباعه كان قد انتهى بهم الرأى فيه إلى أنه «الله» ممثّلا أقنوم الابن من الأقانيم الثلاثة التي جعلوها لله ، وهى : الأب ، والابن ، وروح القدس.
وأعداؤه ـ اليهود ـ لم يتغير رأيهم فيه منذ وقع فى أنفسهم أنهم صلبوه بتهمة الشعوذة والتجديف على الله.
وكان على القرآن أن يكشف عن شخص المسيح ، وأن يضعه بالموضع الذي له فى حساب العقيدة .. أهو ابن الله؟ أم هو إله مع الله؟ أم هو الله وحده؟ أم هو بشر .. رسول من الله ، إلى عباد الله؟
وقد حرص القرآن على أن يجلّى عن شخصية المسيح ، وأن يدفع عنه كل شبهة تلبس على الناس أمره ، وتجعل له إلى الألوهية مدخلا من أية جهة ، وعلى أية صفة!