نفسه عليه ، فتقبله وهى غير مقبلة عليه ، وليس كذلك إذا كان شعوره نحو هذا الشيء هو شعور تحريم .. إنه لا يقبل عليه إلا مكرها أو مضطرا!
والسوء من القول ، قد يبلغ مبلغ الفاحشة ، والله سبحانه وتعالى قد حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. إذ يقول سبحانه : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ..) (٢٣ : الأعراف)
فكيف يجىء النهى عن الجهر بالسوء من القول فى صورة الكره له ، ووضعه موضع الشيء غير المحبوب؟ والمتوقع أن يجىء النهي عنه ، فى صورة جازمة قاطعة .. فكيف هذا؟ وما تأويله ..
والجواب : هو أن نفى حب الله عن الشيء ، يكفى فى تجريم هذا الشيء وتحريمه .. وقد حرّم الله سبحانه وتعالى المنكرات ، بأن سلبها حبه لها ، ورضاه عنها .. فقال سبحانه وتعالى فى تحريم الفساد (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ٢٠٥ : البقرة).
وقال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) (٥٨ : الأنفال) وقال : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٤٥ : الروم) وقال تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٤٠ : الشورى) .. فهذه المنكرات ، من الفساد ، والخيانة ، والكفر ، والظلم ، هى مما لا يحبها الله ، ولا يحبّ مرتكبها.
فسلب حبّ الله سبحانه للشىء ، ورضاه عنه ، يضعه موضع المنكر ، المعزول عن ألطاف الله ، وعن مواقع رضوانه .. وهذا يكفى فى تجنب هذا الشيء ، ومحاذرة التلبّس به ، واعتباره من المنكر المحرّم.
ومن جهة أخرى ، فإن القول نعمة من النعم الكبرى ، التي فضل الله بها