يموتون عليه .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً).
فهذا تيئيس من مغفرة الله لهم ، لأنهم لن يؤمنوا أبدا .. فهم بهذا واقعون تحت قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)!
ثم إنهم إذ لم ينالوا مغفرة الله ، ولم يتعرضوا لها ، متركون لشأنهم وما اختاروا ، وقد اختاروا الضلال ، واستحبّوا العمى ، واتخذوا الشيطان وليّا من دون الله. (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) (١١٩ : النساء) .. فهم بهذا واقعون تحت قول الله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٥٧ : البقرة) .. إنّهم أولياء الطاغوت.
هذا ، وفى الآية الكريمة ما يكشف عن طبيعة الصراع بين الخير والشر ، وأن داعى الشرّ فى الإنسان أكثر إلحاحا من داعى الخير ، إذ كان مع الشر قوى خفيّة فى الإنسان تميل إليه ، وتنتصر له ، وهى أهواء النفس ، ووساوس الشيطان .. فإذا لم ينتبه الإنسان إلى هذا الخطر الكامن فى كيانه ، وإذا لم يقم على أهوائه حارسا من عقله وإرادته ، ووازعا من دينه وخلقه ، تسلّط الشر عليه ، واستبدّ به ، وملك أمره ..
ولو أن هؤلاء الذين آمنوا ثم كفروا ، ثم آمنوا ثم كفروا ـ لو أنهم وقفوا وقفة حازمة من أول الأمر فى وجه تلك الأهواء المسلطة عليهم ، لما جرفهم هذا التيار الذي ألقى بهم فى غمرات الكفر والضلال ، بحيث لا أمل لهم بعد هذا فى نجاة أو خلاص!.