ومنافقين ، ليشهدوا جلال الله وعظمته ، فيما صوّر وخلق مما فى السموات والأرض ، وكلها صنعة يده ، وحوزة ملكه : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)!
وفى تقديم الخبر على المبتدأ فى قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ما يفيد اختصاص الله سبحانه وتعالى وحده بالملكية لما فى السموات والأرض .. لا يشاركه فى ذلك شريك ..
وفى قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) بعد هذا الاستعراض لقدرة الله وسلطانه المتفرد على هذا الوجود ـ فى هذا جلاء لغشاوات الضلال التي انعقدت على كثير من البصائر فحجبت عنها الرؤية الواضحة لله. فلم تره إلا فى ضباب هذه الضلالات .. ربّا مع أرباب ، وإلها فى مجمع من الآلهة ..!
فإذا نظر الإنسان إلى ما فى ملكوت السموات والأرض من آثار رحمة الله ، وقدرته ، وعلمه وحكمته ، ثم استمع لدعوة الحق سبحانه وتعالى التي يدعو بها عباده إليه : (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) ـ كان خليقا به ، لو أمعن النظر ، وأحسن التفكير ـ أن يستجيب لدعوة الله ، وأن يؤمن به ، ويتّقى حرماته .. فتلك هى الصلة السليمة التي ينبغى أن تقوم بين الإنسان وخالقه ، وتلك هى الوصاة التي يوصّى الله بها عباده ، ويحملها إليهم رسله! (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) .. والمراد بالذين أوتوا الكتاب من قبلنا ، هم اليهود والنصارى ، حيث هم الذين التقوا بالمسلمين من أهل الكتاب ، وإن كان هناك كثيرون من المؤمنين أصحاب كتاب سماوى ، غير اليهود والنصارى ، ولكن ذهبوا وذهبت كتبهم ، ولهذا كان ذكر أهل الكتاب فى القرآن دائما ، مقصودا به اليهود والنصارى وحدهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَكْفُرُوا) هو مقابل لقوله سبحانه : (أَنِ اتَّقُوا