اللهَ) .. فالمراد بتقوى الله هنا ، هو الإيمان به إيمانا صحيحا ، غير مشوب بشرك أو ضلال.
وقوله تعالى : (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) إشارة إلى أن إيمان المؤمنين وشرك المشركين ، ونفاق المنافقين ، وكفر الكافرين ، كل ذلك لا متعلّق له بالله ، إذ لا يؤثر ذلك فى قدرة الله ، ولا يزيد أو ينقص من سلطانه شيئا .. فهو المالك لكل شىء والقائم على كل شىء ..
ولهذا جاءت خاتمة الآية هكذا : (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً) أي أنه سبحانه فى غنى عن خلقه ، لا ينفعه إيمان المؤمنين ، ولا يضرّه كفر الكافرين ، وإنما يعود نفع الإيمان أولا وآخرا إلى صاحبه ، كما يعود ضرر الكفر أولا وآخرا إلى صاحبه .. والله سبحانه وتعالى يقول : (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٤٤ : الروم) أي فلأنفسهم يصلحون الطريق الذين يصلهم بالله ، ويوصلهم إلى مرضاته ونعيم جنّاته.
والحميد ، هو المستأهل للحمد ، المستحق له من جميع مخلوقاته ، إذ أوجدهم من عدم ، وألبسهم نعمة الوجود ..
فالحمد لله ، هو تسبيحة المخلوقات جميعا ، من آمن منهم بالله ومن لم يؤمن ، وفى هذا يقول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٤٤ : الإسراء).
وقد يقال : كيف يسبّح الكافر بحمد الله ، وهو ينكره ولا يعترف بوجوده؟
والجواب على هذا ، أن الكافر إنما هو صنعة الله ، وهو يعيش فى ملك ، الله ويتقلب فى نعمه ، وأنه منقاد لمشيئة الله فى كل نفس يتنفسه ، وفى كل