____________________________________
الآيتان : (١٠٦ ـ ١٠٥)
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (١٠٦)
____________________________________
التفسير : قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) هو بلاغ مبين لما بين يدى النبىّ من آيات الله ، وما فيها من حق ، وأن هذا الحق الذي بين يديه ، هو رحمة وهدى للناس ، وما كان هذا شأنه فلا يكون سببا فى ضر أو أذى .. شأن الطبيب الذي يحمل إلى الأجسام الدواء ، يبغى سلامتها وعافيتها ..!
وفى الناس الظالمون ، الخائنون ، الذين يمدون أيديهم إلى الناس بالبغي والعدوان ، ثم إذا جىء بهم إلى ساحة القصاص رموا بما فى أيديهم من ظلم وبغى على غيرهم من الأبرياء ، وجاءوا إلى ذلك بالزور والبهتان ، وبشهود الزور والبهتان .. وموقف النبىّ الكريم مع هؤلاء المبطلين ، هو أن يحكم فيهم بما أراه الله ، وبما فى يديه من كتاب الله ، وأن يستمع إلى طرفى الخصومة ، دون أن يكون خصيما ، أي معاديا لأىّ من الطرفين ، حتى ولو استبانت خيانة الخائن ، وظهر بهتانه .. إنه ـ مهما كان جرمه ـ لا يؤخذ بغير الجزاء الراصد لجريمته ، عند ما تثبت إدانته .. فلا يقف منه القاضي موقف العداء ، الذي قد يميل به إلى الجور على هذا المتهم ، وتجاوز الحدّ فى العقاب الذي يستحقه!
وانظر كيف تدبير الإسلام فى حمايته للإنسان ، ودفع الظلم عنه ، حتى وهو الظالم الأثيم .. ذلك أن الظلم لا يدفع بالظلم ، وإنما الذي يدفعه هو تحقيق العدل ، وأخذ الظالم بظلمه ، دون مجاوزة حدود الله فيه ..