ونعم .. إن أعباء الجهاد ثقيلة ، ولكنها على نفس المؤمن أخفّ وأهون مما هى على غير المؤمنين ..
فالكافرون يجدون من أهوال الحرب ، وشدائدها ما يجد المؤمنون ، ولكن المؤمنين يستعذبون هذا المورد ، الذي يفتح لهم طريق الرحمة ، وينزلهم عند الله منازل الرضوان .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ).
فالمؤمنون فى قتالهم العدو يقاتلون وهم على شعور بأنهم إن كتب لهم النصر رجعوا بالسلامة والغنيمة ، وإن كتب لهم الاستشهاد ظفروا بما عند الله للشهداء من رضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم .. إنها إحدى الحسنيين للمجاهدين : النصر أو الاستشهاد .. وليس للعدو إلّا واحدة منهما .. وهى النصر ، أو الموت على الكفر!
وقد يقال : إن الكافرين يقاتلون ومعهم هذا الشعور بأنهم على الحقّ ، وأنهم إنما ينتصرون لمبدأ ، وأنهم إذا فاتهم النصر لم يفتهم الموت فى سبيل المبدأ!
والجواب على هذا ، هو أن الخطاب هنا للمسلمين ، وأنهم على يقين من أمرهم وأمر عدوّهم ، وأنه يكفى هنا أن يدرك المؤمنون هذه الحقيقة وأن يستحضروها ، وأن يقاتلوا عدوّهم عليها ، ولا عليهم ما يعتقده عدوهم فيهم أو فى نفسه! وإن أي حال يكون عليها العدوّ لن تبلغ الحال التي يكونون هم عليها ، من وثاقة الإيمان بالله ، والثقة فيما عنده لهم عن حسن الجزاء ، وعظيم الثواب!