أن يستعصموا بها ، وأن يحكموا فتلها ، بتوجيه قلوبهم إلى الله ، وإخلاص نياتهم للإيمان به ـ إذ رأى المؤمنون هذا فزعوا إلى الله وضرعوا بين يديه ، ألّا يصير أمرهم إلى ما صار إليه أمر هؤلاء السفهاء الحمقى ، الذين غلبت عليهم شقوتهم .. فضلوا سواء السبيل .. فبين يدى الله يضرع المؤمنون بهذا النداء الذي ساقه الله إليهم ، ليكون سفينة النجاة لهم (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).
____________________________________
الآية : (٩)
(رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٩)
____________________________________
التفسير : ومن تمام الإيمان بالله ، وجلاء القلوب من الشرك والزيغ ، الإيمان بالبعث والجزاء ، فبهذا الإيمان تقوى صلة المؤمن بربه ، وتشتدّ مراقبته له ، وحرصه على مرضاته ، لينجو من شر هذا اليوم (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ويفوز بمرضاته ورضوانه .. وإنه لو لم يكن هناك بعث ، ولا حساب ، ولا جزاء ، لكان الإيمان بالله مجرد تصور عقلى ، لا يكاد يؤثر فى سلوك الإنسان ، أو يمسك زمام هواه!
وإذ يذكر المؤمن هذا اليوم ـ يوم البعث والجزاء ـ ويستحضر أهواله ، وما يلقى فيه العصاة من عذاب ـ يخشع لله ويخضع ، ويفكر أكثر من مرة ، قبل أن يركب منكرا ، أو يواقع معصية .. ولو استحضر المؤمن هذا اليوم ، وتمثله فى خاطره ، وأشهده كل موقف تراوده فيه نفسه على منكر ، ويؤامره فيه هواه على معصية ـ لكان له من ذلك قوة تعينه على الخلاص من دوافع شهواته ، ونزوات أهوائه ، ولهذا كان مما فضل الله به على المؤمنين ، أن جعل