وعلى هذا ، فإنا نرى أن الوقوف على لفظ الجلالة فى قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) هو وقوف لازم ، حتى يكون العلم بتأويل هذا المتشابه مقصورا على الله وحده ، أما الراسخون فى العلم فهم والجاهلون سواء فى هذا المتشابه ، لا يملكون إزاءه إلا التسليم بالعجز ، وإلا أن يقولوا : «آمنّا به» على ما هو عليه ، لأنه هو والمحكم على سواء .. (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).
وهذا موقف يجب أن يتملّاه العقلاء ، وينتفع به أولو الألباب ، وذلك بقياس الغائب على الشاهد ، والبعيد على القريب ، وإحالة المتشابه على المحكم!
____________________________________
الآية : (٨)
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٨)
____________________________________
التفسير : مما يقضى به العقل ، وينزل على حكمه العقلاء ، أن تكون الأحداث والمواقف دروسا نافعة ، وعبرا مثمرة ، يجتنى من ثمرها الخير ، ويدفع بها البلاء.
وقد كان فى الموقف الذي وقفه أهل الزيغ والضلال والنفاق ، من المكر بآيات الله ، ما أركسهم فى الفتنة ، وأغرقهم فى الضلال ، حيث طرحوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وتعلقوا بالمتشابه من آياته ، ليفتنوا الناس ويضلوهم ، بما يتأولون لهم من مقولات عمياء .. فزادهم الله عمى إلى عمى ، وضلالا إلى ضلال.
وإذ يرى المؤمنون هذا الموقف الذي اتخذه الزائغون ، فتقطعت بهم الأسباب ، التي كانت تصلهم بالإيمان ، والتي كان جديرا بهم ـ لو عقلوا ـ