ذلك الإيمان المشوب غير الخالص من العلل والآفات ، ولهذا جاء قوله تعالى : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) جاء بعد «قوله تعالى : وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ» داعيا أهل الكتاب أن يؤمنوا إيمانا مصححا مجددا ، كإيمان المسلمين .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ).
وقد كشف القرآن الكريم عن حقيقة الإيمان الذي عليه أهل الكتاب .. فقال تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) (١٣ : البقرة) أي أنهم إذا دعوا إلى الإيمان بالله إيمانا بعيدا عن المماحكات والسفسطات ، وعن الألغاز والطلاسم ، التي تعمّى على الناس السبيل إلى الطريق المستقيم ـ إذا دعوا أن آمنوا كما آمن الناس ، إيمانا سمحا سهلا واضحا ـ أبوا وقالوا أنؤمن كما آمن السفهاء من الجهلة والعامّة؟ وقالوا فى أنفسهم : كيف يهتدى أحد إلى الله من هذا الطريق القريب؟ إنّ الله بعبد بعيد ، متستر فى حجب جلاله وبهائه ، فلا تناله الأبصار ، ولا تدركه العقول ، وإنه لا بد ـ والأمر كذلك ـ من دراسات وفلسفات ، وبحوث مضنية مرهقة ، حتى يمسك الدارسون ، والفلاسفة والباحثون بأذيال هذه الحقيقة الكبرى! هكذا زيّن لهم سوء عملهم فرأوه حسنا.
وقال تعالى أيضا مشيرا إلى أهل الكتاب وإلى إيمانهم : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨ : البقرة) إنه إيمان مشوب بالشك ، ومختلط بالضلال .. فلا يعدّ ، ولا يحسب فى الإيمان الصحيح بحال أبدا.
وفى قوله تعالى : (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) إشارة إلى أن قلّة قليلة من هؤلاء المؤمنين من أهل الكتاب قام إيمانهم على التسليم ،