ذكره فى القرآن أنه إيمان على صفة غير ما عليه إيمان المؤمنين من أهل الكتاب!.
والإيمان بالله الذي عليه الأمة الإسلامية ، هو إيمان برىء من كل شائبة من شوائب الشرك ، وخلص من كل نزغة من نزغات الشك .. إنه إيمان مصفّى ، يرى فيه المؤمن وجه الحق واضحا مشرقا ، إذ لا يتكلف له المؤمن جهدا فى الوصول إليه ، ولا تنقطع أنفاسه فى الدوران حوله ، لأنه قريب ، قريب ، يراه العامة والفلاسفة على السواء .. إنه : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيى ويميت ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ذلكم الله ربّ العالمين ، وهو ما يقوم به وعليه إيمان المسلمين .. بلا فلسفه ، ولا كهنة ، ولا أحبار ، ولا رهبان .. إيمان يطمئن إليه قلب الرّاعى بين غنمه ، والزارع وراء محراثه ، كما يطمئن إليه قلب العالم فى معمله ، والفيلسوف فى محراب فلسفته! إيمان بديهة .. لا تكدّ ذهنا ، ولا تشتت خاطرا ، ولا تزعج وجدانا.
وليس كذلك إيمان المؤمنين من أهل الكتاب .. إنه إيمان مرهق معقّد ، مركّب على قضايا من المقولات الفلسفية والمنطقية ، المبنية على معطيات مما وراء الطبيعة ، التي تدور بها رءوس العامة ، وتضطرب لها عقول العلماء .. فإذا آمن مؤمنهم بالله كان بينه وبين الله حجب كثيفة من هذه المقولات ، التي لا يستطيع أن يرى الله من خلالها إلّا محاطا بضباب كثير من الشك والارتياب!!
فإيمان المسلمين بالله ، إيمان .. وإيمان أهل الكتاب بالله إيمان .. وبين الإيمانين بعد بعيد ، وبون شاسع .. ومن هنا كان ذكر إيمان المسلمين فى هذا المقام تنويها بهذا الإيمان ، وعزلا له عن إيمان المؤمنين من أهل الكتاب ،