أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ .. هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ .. لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ. إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)
(١١٦ : النحل)
وفى قوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) إشارة إلى أن الأصل فى الطعام أن يكون مطلق الحلّ ، يتناول منه الإنسان ما ترضاه نفسه ، وتطيب به .. إن ذلك شأن من شئون الناس .. فما استساغته النفوس وقبلته ، فهو حلّ مباح لها ، وما عافته واستقذرته لم يكن لأحد أن يحملها على تناوله.
فهذه أنواع الحيوان ، وأجناس الطير .. لكل نوع طعام ، ولكل جنس ما يغتذى به ، ويقيم حياته عليه ، إذ يعيش بعضها على النبات ، وبعضها على الحبوب ، وبعضها على الثمار ، كما تعيش أصناف منها على اللحم ، وأصناف أخرى على العشب! فإذا عرض على الحيوان آكل العشب بعض قطع اللحم لم يمدّ فمه إليها ، والعكس بالعكس .. وهكذا كل صنف وكل نوع ، يسعى وراء الطعام الذي ساغته نفسه وقبلته طبيعته!
والإنسان شأنه شأن الحيوان فى هذا .. له أن يأكل مما تنبت الأرض ، وما تحمل على ظهرها من حيوان ، ما دام المأكول مستساغا عنده ، مقبولا لديه! وطبيعى ألا يستسيغ الإنسان كل شىء أو يقبل كل شيء .. فقبل كثيرا ، ورفض كثيرا ، وهو حرّ فى القبول وفى الرفض.
ذلك شأن الإنسان ، وهكذا ينبغى أن يكون شأنه .. الأمر متروك له ، فيما يتخيّر من طعامه ، وشرابه!
ولكنّ العناية الإلهية كانت ولا تزال دائما أبدا تمدّ الإنسان بنصحها ،