وإرشادها ، حتى يستقيم على الطريق القويم. فأرسل الله رسله يحملون إلى الناس الهدى والرشاد ، ويؤذّنون فيهم بكلمات الله ، وما فيها من وعد ووعيد ، إذ كان الإنسان أهلا لأن يخاطب من قبل الله ، وأن تحمل إليه كلمات الله ، وما فيها من نور وهدى!
فكان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وإباحة الحلال وحظر الحرام ، مما بينته للناس شريعة السماء ، وأمرت بالوقوف عند حدوده!
وفى الطعام والشراب جاءت الشريعة السماوية بالإباحة المطلقة لكل ما هو طيب ، كما يقول الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١٧٢ : البقرة) ويقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) (٨٧ : المائدة).
وقد يكون من العجب أن تحرّم الشريعة السماوية على الناس بعض ما يشتهون ، أو بعض ما يجدون له مساغا بوجه من الوجوه!
ويقوم هذا العجب حين ننظر إلى الإنسان نظرتنا إلى الحيوان ، ونقيسه عليه ، ونسوّى بينهما فى القياس ، وعندئذ يحوز لقائنا أن يقول : إذا كان الحيوان قد أطلق له الأمر فى اختيار طعامه وشرابه ، والاستدلال بغريزته على ما يصلح له وما لا يصلح ، أفلا يطلق للإنسان الأمر فى اختيار طعامه وشرابه ، والتمييز بعقله وخبرته بين النافع منها والضار؟ أليس من باب أولى أن يكون الإنسان سيد نفسه ، وصاحب أمره فى هذا الأمر فى هذا الأمر الذي يتهدّى إليه الحيوان بطبيعته؟
ولكن يردّ على هذا ، بأن الإنسان أكرم على الله من الحيوان ، بما حباه من عقل ، وما جعل له بهذا العقل من سلطان الخلافة على هذه