(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ، فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ، وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ، وَقُولُوا حِطَّةٌ ، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
والقرية التي دعوا إلى دخولها ، ليأكلوا منها حيث شاءت لهم أنفسهم ، هى قرية لم يذكر القرآن اسمها ، وإنما أشار إليها بقوله : (هذِهِ الْقَرْيَةَ) فهى معروفة للقوم ، ولعلها بيت المقدس ، كما يرى ذلك أكثر المفسرين ، ولعل مما يقوّى هذا الرأى أنهم أمروا بدخولها على صفة خاصة ، وبمراسيم محددة تؤدّى لها .. (ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ، وَقُولُوا حِطَّةٌ) .. هكذا ينبغى أن يكون دخولهم هذه القرية .. أن يدخلوا الباب ساجدين ، وأن يقولوا عند دخولهم : حطة لذنوبنا ، أي مغفرة لها ..
ومما يقوى الرأى بأن القرية المشار إليها هنا هى بيت المقدس ، أن بابها المأمور بدخوله فى هذه الآية قد ورد فى قوله تعالى : (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ ، فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) (٢٣ : المائدة).
وفى قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ، فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).
ما يكشف عما فى طبيعة القوم من عناد ، وإنه عناد الأطفال .. يأبون إلا ركوب رءوسهم ، والاتجاه إلى غير ما يوجّهون إليه ، ولو كان فى ذلك تلفهم وهلاكهم.