ما يكمن فيها ، استجابة لغريزة حبّ الاستطلاع التي ألهبها هذا النهى ، وأيقظها فى كيانه.
ثم إلى جانب هذه الرغبة الصارخة إلى مقاربة الشجرة ، كانت وسوسة إبليس لآدم ، وإغراؤه له ، الأمر الذي عجّل بخطوات آدم إلى الشجرة ، وسيره حثيثا إليها ..
ولو لم يقم إبليس من وراء آدم ، يغريه بالشجرة ، ويدفعه إليها ، لسار إليها وحده ، ولبلغها ، ولأكل منها! ولكن لا يكون هذا إلا بعد زمن متراخ عن هذا الوقت الذي اقترب فيه بالفعل من الشجرة ، وأكل منها!!
هكذا الإنسان ، وهكذا الناس ، يتحدّون كل سلطان يقيد نوازعهم ، ويتسلط على إرادتهم ، ولو كان ذلك لخيرهم وإسعادهم.
ولهذا فإنى أحب أن أذكر هنا قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)
(٣٧ : الأنبياء)
وقوله جل شأنه : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٢٨ : النساء) كما أحب أن أفهم هاتين الآيتين الكريمتين على أنهما تكملان الصورة التي خلق عليها آدم ، وأن إغراء إبليس له قد عجل بظهور الإنسان فى آدم ، وفى إنضاج ثمرته قبل أوانها!!
فمنذ انتهى آدم إلى الشجرة ، وذاق من ثمرها ، بعد هذا الصراع العنيف بينه وبين نفسه ـ أدرك أنه جنى جناية غليظة ، كما أدرك أنه سيلقى جزاء ما اقترف .. وهنا يتنبه إلى وجوده ، فيرى أنه مخلوق ذو إرادة ، يستطيع بها أن يزن أموره ، وأن يتقدم أو يتأخر ، بوحي من ذاته ، وأنه لم يعد شيئا من أشياء الوجود التي لا تشارك فى نسج حياتها ، وفى صنع قدرها ، وهنا يتنبه إلى أنه عار مكشوف العورة كالحيوانات السائمة ، الأمر الذي لم يكن يراه من