ويلاحظ أننا لم ننظر فى قوله تعالى : (هُوَ أَذىً) إلا من جانب واحد ، هو جانب الأذى النفسي ، ومع أنّ التعبير القرآنى جعله أذى مطلقا ، عاما شاملا ، فى جانب الرجل والمرأة معا ، وفى النفس والجسد جميعا ـ فإنه حسبنا هنا ما وقع عليه نظرنا ، أما ما يقول به العلم ، وما يكشفه الطب من هذا الأذى ، فلا نريد أن نعرض له ، إذ كان ما يقول به العلم ويكشفه الطب فى هذا الأمر مما لا يقع على حقيقته إلا أهل الذكر من العلماء!
قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) المراد بالقرب هنا قرب المباشرة لا قرب الحياة من مؤاكلة ، ومجالسة ، وحديث ، وغيرها .. إذ ليس الحيض مما يمسّ طهارة المرأة فى ذاتها كإنسان ، كما ترى ذلك بعض الديانات التي ترى أن المرأة أيام حيضها نجسة فى ذاتها ، وفى كل ما يمسّها! وذلك هو معتقد اليهود!
ومن جهة أخرى فإنا نرى قوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) وإن كان يراد به الاعتزال عن المباشرة إلا أنه يشير من بعيد إلى شىء من الإمساك عن المخالطة الدائمة ، التي تكون بين الزوجين فى غير أوقات الحيض .. إذ أن المرأة فى أيام حيضها تكون فى أحوال غير طبيعية ، سواء فى حالتها الجسدية ، أو النفسية ، والإقلال من لقائها فى تلك الحال آمن وأسلم من أن يجد منها زوجها ما لا يرضاه!
قوله تعالى : (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) التطهر طهر وزيادة .. فالطهر هو انقطاع دم الحيض ، والتطهّر الاغتسال. أي فإذا اغتسلن فأتوهن من حيث أمركم الله ، أي فأتوهن من حيث ينبغى أن تؤتى المرأة .. وكان بعضهم يأتى المرأة من دبرها ، وهو انحراف خارج على طبيعة الحياة بين الأحياء ، من حيث كان اتصال الذكر بالأنثى فى عالم الحيوان لا يعدو الموضع الذي يجىء منه النسل! فكيف لا يعفّ الإنسان عما عفّ عنه الحيوان؟