نحو بيت المقدس ، وذلك لحكمة أرادها الله تعالى ، فيها امتحان وابتلاء لعباده ، من مؤمنين ، وكافرين ، ومنافقين ..
تأويل بعض ما يبدو فيه النسخ :
من آيات الأحكام ما يبدو فيها النسخ ، إذ كانت القضية واحدة ، والأحكام فيها مختلفة ، وأوضح مثل لهذا ، الآيات التي جاءت فى «الخمر» ومثلها الآيات التي جاءت فى «الربا».
فقد جاء فى «الخمر» آيات فى عدة مواضع من القرآن ، وفى كل موضع حديث عن الخمر ، يختلف عما تضمنته الآيات الأخرى ، وذلك فى صدد تحريمها ، ومثل ذلك ما ورد فى الربا.
ويرى العلماء القائلون بالتناسخ بين هذه الآيات أن ذلك لحكمة تربوية ، قصد بها التلطّف فى الدخول على النفوس دخولا مترفقا ، فى تحريم أمور كانت ذات ارتباط وثيق بها ، وسلطان قاهر لها .. وفى انخلاع النفس عنها جملة ، ما لا يؤمن معه سلامة النفس ، أو تقبلها لهذه الأوامر إذا هى حملت عليها دفعة واحدة ، على هذا الوجه المفاجئ ، فقد تخور كثير من النفوس ، وقد تتصدع وتنحلّ ، إذا هى واجهت الأمر مرة واحدة دون إعداد وتمهيد.
* * *
ففى الخمر .. حين أراد الله أن يحرمها ، سلك ذلك المسلك التربويّ الحكيم ، الذي لا يرى ألطف ، ولا أحكم ، ولا أعدل مدخلا منه إلى النفس.
(١) : كان أول إشارة إلى الخمر تلك الإشارة التي تضعها وضعا غير كريم بين النعم التي أنعم الله بها على عباده ، فقال تعالى :
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) (٦٧ : النحل).