العلامة الصالح الخاشع قاضي القضاة جمال الدين المرداوي رحمهالله تعالى ، سمع صحيح البخاري من أبي بكر بن عبد الدايم وابن الشحنة ووزيرة ، وبعضه عن فاطمة بنت عبد الرحمن الفرا وقاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة ، وشرح عليه كتاب المقنع ولازم قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم إلى حين وفاته ، وأخذ النحو عن نجم الدين بن القحفازي وباشر وظيفة قضاء الحنابلة بالشام سبع عشرة سنة بعد موت القاضي علاء الدين علي بن المنجا في شهر رمضان سنة خمسين بعد تمنع زائد وشروط شرطها عليهم ، واستمر الى ان عزل في شهر رمضان سنة سبع وستين بالقاضي شرف الدين أحمد ابن قاضي الجبل ، وذلك لخيرة عند الله تعالى.
قيل أنه كان يدعو الله تعالى أن لا يتوفاه وهو قاض فاستجاب الله تعالى دعاءه. وقال الذهبي رحمهالله تعالى في (المعجم المختص) في حقه : الامام المفتي الصالح أبو الفضل شاب خير ، إمام في المذهب : نسخ الميزان بخطه ، وله اعتناء بالمتن والاسناد. وقال الشيخ شهاب الدين بن حجي السعدي رحمهالله تعالى : كان عفيفا ، نزها ، ورعا ، صالحا ، ناسكا ، خاشعا ذا سمعت حسن ووقار ، ولم يغير ملبسه ولا هيأته ، ويركب الحمارة ، ويفصل الحكومات بسكون ، ولا يحابي أحدا ، ولا يحضر مع النائب إلا يوم دار العدل ، وأما في العيد والمحمل فلا يركب ، وكان مع ذلك عالما بالمذهب لم يكن فيهم مثله مع فهم حسن وكلام جيد في النظر والبحث ، ومشاركة في الأصول والعربية ، وجمع كتابا فيه أحاديث الأحكام حسنا ، وكان قبل القضاء يتصدر بالجامع المظفري للاشتغال والفتوى ، لم يتفق لي السماع منه ، ولكن أجاز لي انتهى. وقال قاضي القضاة برهان الدين بن مفلح رحمهالله تعالى في طبقاته : وقد أجاز لجملة قال الشيخ شرف الدين وأخوته وجماعة آخرين ، وكتابه هذا أسماه (الانتصار) وبوبه على أبواب المقنع وهو محفوظنا. قال ابن حبيب في تاريخه : عالم ، علمه ظاهر ، وبرهان ورعه ظاهر ، وإمام تتبع طرائقه ، وتغتنم ساعاته ودقائقه ، كان لين الجانب ، متلطفا بالطالب ، رضي الأخلاق ، شديد الخوف والاشقاق ، عفيف اللسان ، كثير التواضع والاحسان ، لا يسلك في ملبسه مسلك أبناء الزمان ، ولا يركب حتى إلى دار