قال الفريابي محمد بن يوسف : قال عبّاد بن كثير لسفيان : قلت لأبي جعفر : أتؤمن بالله ، قال : نعم ، قلت : فحدّثني عن الأموال التي اصطفيتموها من بني أمية ، فو الله لئن كانت صارت إليهم ظلما وغصبا لما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا ، ولئن كانت لهم لقد أخذتم ما لا يحلّ لكم ، إذا دعيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاءوا بعمر بن عبد العزيز ، فإذا دعيتم أنتم لم تجيئوا بأحد ، فكن أنت ذلك الأحد ، فقد مضت من خلافتك ست عشرة سنة وما رأينا خليفة بلغ اثنتين وعشرين سنة ، فهبك تبلغها فما ست سنين ، قال : يأبا عبد الله ما أجد أعوانا ، قلت : علي عونك بغير مرزئة ، أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك كل عام بيت مال ، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق ، آتيك بالأوزاعي تقلّده كذا وبالثوري تقلّده كذا ، وأنا بينك وبين الناس أبلّغك عنهم وأبلّغهم عنك ، فقال : حتى أستكمل بناء بغداد ، فأخرج إلى البصرة وأوجّه إليك. فقال له سفيان الثوري : ولم ذكرتني له؟ قال : والله ما أردت إلا النصح للأمة ، ثم قال لسفيان : ويل لمن دخل عليهم إذا لم يكن كبير العقل كثير الفهم كيف تكون فتنته عليهم وعلى الأمة.
ويقال إن عمرو بن عبيد رأس المعتزلة دخل على المنصور ووعظه ، فبكى المنصور وقال : يا أبا عثمان هل من حاجة ـ وكان يدني عمرا ويكرمه ويجلّه ـ قال : نعم ، قال : وما هي؟ قال : لا تبعث إليّ حتى آتيك. قال : إذن لا نلتقي ، قال : عن حاجتي سألتني ، ثم نهض فلما ولّى أمدّه بصره وهو يقول :
كلكم يمشي رويد |
|
كلكم يطلب صيد |
غير عمرو بن عبيد |
قال عبد السلام بن حرب : أمر له بمال فردّه ، فقال المنصور : والله لتقبلنّه ، قال : والله لا أقبله ، فقال له المهدي : أمير المؤمنين يحلف فتحلف!