صار على الدرجة فأدخل فما لبث أن خرج ومعه عباءة عليها لواء أسود قدر أربعة أذرع ، ثم نودي «أين عبد الله» فقمت إلى الدرجة فأصعدت وإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر وعمر وبلال فعقد لي وأوصاني بأمّته وعمّمني بعمامة وكان كورها ثلاثة وعشرين وقال : (خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة).
وقال الربيع بن يونس الحاجب : سمعت المنصور يقول : الخلفاء أربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ، والملوك : معاوية وعبد الملك وهشام وأنا.
قال شباب : أقام الحج للناس أبو جعفر سنة ست وثلاثين ، وسنة أربعين ، وسنة أربع وأربعين ، وسنة اثنتين وخمسين ، زاد الفسوي : أنه حج أيضا سنة سبع وأربعين ومائة.
قال أبو العيناء : نا الأصمعي أن المنصور صعد المنبر فشرع في الخطبة فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أذكر من أنت في ذكره. فقال له : مرحبا لقد ذكرت جليلا وخوّفت عظيما وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم ، والموعظة منا بدت وعنّا خرجت وأنت يا قائلها فأحلف بالله ما الله أردت إنما أردت أن يقال قام فقال فعوقب فصبر فأهون بها من قائلها وأهتبلها (١) من الله ويلك إني قد غفرتها ، وإياكم معشر الناس وأمثالها. ثم عاد إلى خطبته وكأنما يقرأ من كتاب.
وقال الزبير : حدثني مبارك الطبري سمعت أبا عبيد الله الوزير سمع المنصور يقول : الخليفة لا يصلحه إلا التقوى ، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة ، والرعيّة لا يصلحها إلا العدل ، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
__________________
(١) في الأصل : (وأهتبلها الله ويلك إنّي وإيّاكم معشر الناس). وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ٢٦٤ :
(وأهتبلها من الله ويلك إني قد غفرتها وإياكم معشر الناس) وفي تاريخ الطبري ٨ / ٩٠ : (ويلك لو هممت فأهتبلها إذ غفرت وإيّاك وإيّاكم معشر ، الناس).