ما في عسكري إلا ألفا رجل! فرّقت عساكري ، مع ابني بالرّيّ ثلاثون ألفا ، ومع محمد بن أشعث بإفريقية أربعون ألفا ، ومع عيسى بن موسى بالحجاز ستة آلاف ، ولئن سلمت من هذه لا يفارقني ثلاثون ألف فارس ، ثم لم ينشب أن قدم عليه عيسى من الحجاز منصورا ، فوجّهه على الناس لحرب إبراهيم ، وكتب إلى سلم بن قتيبة فقدم إليه من الرّيّ.
قال سلم : فلما دخلت على المنصور قال لي : خرج ابنا عبد الله ، فاعمد إلى إبراهيم ، ولا يرعبك جمعه فو الله إنهما جملا بني هاشم المقتولان فابسط يدك وثق (١).
وكتب سلم إلى البصرة يلاطفهم فلحقت به باهلة ، فاستحث المنصور ابنه ليجهّز خازم بن خزيمة إلى الأهواز ، فسار بأربعة آلاف فارس ، ففر منه المغيرة إلى البصرة ، ودخل خازم الأهواز فأباحها (٢) ثلاثا ، لكونهم نزعوا الطاعة ، ومكث المنصور لا يأوي إلى فراشه نيّفا وخمسين ليلة.
قال حجاج بن قتيبة بن سلم : دخلت على المنصور تلك الأيام وقد جاءه فتق البصرة وفارس وواسط والمدائن وهو مطرق يتمثل :
ونصبت نفسي للرّماح دريّة (٣) |
|
إن الرئيس لمثل ذاك (٤) فعول |
وما أظنّه يقدر على السلاح ، للفتوق المحيطة به ، ولمائة ألف سيف كامنة ينتظرون صيحة فيثبون ، فوجدته صقرا أحوذيّا مشمّرا ، قد قام إلى ما نزل به من النوائب يمرسها ويعركها (٥).
__________________
(١) الطبري ٧ / ٦٣٩.
(٢) ناقصة من الأصل ، والإضافة من الطبري ٧ / ٦٣٩.
(٣) في نسخة القدسي ٦ / ٢٤ «دريئة» والتصحيح من الطبري ٧ / ٦٤٠.
(٤) في الأصل : «ذلك».
(٥) الطبري ٧ / ٦٤١.