فتقوّى بها ، ثم صلّى بالناس الصبح في الجامع ، فتحصّن منه سفيان في دار الإمارة ، وأقبل الخلق إلى إبراهيم من بين ناصر وناظر : ثم نزل إليه سفيان بالأمان ، ودخل إبراهيم الدار ، وعفا عن الجند ، وقيّد سفيان بقيد خفيف ، فأقبل لحربه جعفر بن سليمان ، وأخوه محمد بن سليمان ، في ستمائة ، فندب إبراهيم مضاء بن جعفر في خمسين من بين فارس وراجل ، فهزمهم مضاء ، وجرح محمد بن سليمان ، ووجد إبراهيم في بيت المال ستمائة ألف أو أكثر ، ففرّقها على أصحابه خمسين خمسين ، وجهّز المغيرة في خمسين مقاتلا إلى الأهواز ، فقدمها وقد صار معه نحو المائتين. وكان على الأهواز محمد بن الحصين ، فالتقى المغيرة فانكسر ابن الحصين ، وغلب المغيرة على الأهواز. ثم أراد إبراهيم المسير إلى الكوفة ، وبعث إلى فارس عمرو بن شدّاد ، فسار إليه من رامهرمز يعقوب بن الفضل ، فاتّفقا وغلبا على إقليم فارس ، فلو توجّه إبراهيم إلى إقليم فارس لتمّ له الأمر ، واستعمل على واسط هارون بن سعد العجليّ عند ما قدم إليه من الكوفة ، فسار إلى واسط ، فجهّز المنصور لحربه عامر بن إسماعيل المسليّ (١) في خمسة آلاف ، فكان بينهما حرب ووقعات. وقد قتل من أهل واسط والبصرة في هذه الكائنة عدد كثير ، ثم توادع الفريقان وكلّوا ، فلما قتل إبراهيم كما سيأتي ، سار هارون بن سعد العجليّ راجعا إلى البصرة ، فتوفّي قبل أن يدخلها ، نعم ، وبقي إبراهيم سائر شهر رمضان ينفذ عمّاله إلى البلاد ، حتى أتاه نعيّ أخيه محمد بالمدينة ، قبل العيد بثلاث ، ففتّ في عضده وبهت لذلك ، وخرج يوم العيد إلى المصلّى فصلّى بالناس ، يعرف فيه الحزن والانكسار (٢).
وقيل : إن المنصور لما بلغه خروج إبراهيم قال : ما أدري ما أصنع ،
__________________
(١) في نسخة القدسي ٦ / ٢٣ «المسلمي» ، والتصحيح من الطبري ٧ / ٦٣٧ وابن الأثير ٥ / ٥٦٤.
(٢) الطبري ٧ / ٦٣٨.